متخصص في الدراسات القرآنية - مهتم بالبحث العلمي ومهاراته
خاطرة
الباحث الجاد لا بدّ أن يكون من أكثر الناس إعراضا عن اللغو وتوافه الأمور، وبعدا عن الخصومات والنزاعات مع الناس.
فهذه الأمور كلها تشتت الذهن وتبعثر المعلومات وتقتل التركيز.
وعليه فينبغي للباحث أن يتصف بالعفو والمسامحة والتغافل، ولا يفتح على نفسه جبهات لا وقت لديه للاشتغال بها.
ويتحتم عليه أن يحسن التعامل مع أهله ومن يخالطهم باستمرار، ولا يطالبهم بما يجعله ثقيلا عليهم، لأنه في الغالب منشغل عنهم مقصر في أداء حقوقهم؛ فليعوض تقصيره بالتغاضي عن هفواتهم والعفو عن تقصيرهم وإساءتهم.
وخاصة بين الزوجين، عندما يكون أحدهما مشغولا بالبحث.
الله تعالى هو المتصف بالرحمة، فهو رحمن رحمة ذاتية واسعة لا يتصورها عقل ولا يحيط بها علم بشر، وهو الرحيم بخلقه رحمة عظيمة، ولمن آمن به رحمة خاصة كتبها لهم تفضلا منه وإحسانا.
وإنما يرحم بتلك الرحمة الخاصة الرحماء من عباده.
اللهم ارحمنا رحمة من عندك تغنينا بها عن رحمة من سواك، رحمة تغفر بها ذنوبنا وتدخلنا بها جناتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام الرازي تعليقا على استعادة النبي صلى الله عليه وسلم "وأعوذ بك منك":
(الشكاية من الحبيب إلى الحبيب هي عين التفريد والتوحيد، ثم هذه الشكاية ظاهرها شكاية وباطنها شكر؛ لأن معنى هذه الشكاية أنه ليس لي بد منك وليس لي أحد سواك، ولهذا قال أيوب عليه الصلاة والسلام: (أني مسني الضر ) [الأنبياء: الآية ٨٣] ، ثم إن الحق سبحانه قال: (إنا وجدته صابراً نعم العبد) (ص: الآية 44]، كأنه قيل: إن كان قد شكا منا إلى غيرنا صار
هذا قدحا في كونه صابرا، لكنه شكا منا إلينا فبقي صابرا كما كان، فإنه لم يقل: يا أيها الناس إني مسني الضر! بل نادى ربه أني مسني الضر، فعرض عجزه على قدرة مولاه، وذلّه على عزته، وحاجته على غناه.)
لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات ص٥٩