علي دغريري
. منذ سنتين

غياب الهوية الثقافية لدى الشباب1

غياب الهوية الثقافية لدى الشباب
الحمد لله الذي اكرمنا بالإسلام وشرفنا بالقرآن وارسل الينا أكرم الخلق واعظمهم شأن علية وعلى آله وصحبة ومن تبعهم بإحسان..... اما بعد
فإنه تظهــر للمتأمل صراحــة آثار غيــاب الهــوية الثقــافية علـــى حال البــلاد الاســــلامية العــــربية التــــي تمتلك مخزونا ثقافيا إسلاميا جعل منها إمبراطورية عالمية إبان تخلف الغرب في العصور الوسطـــى حيث امتلكت الإمبراطورية الإسلامية القوة السياسية والاقتصادية والعلمية و الثقافية وكانت مصـــــدر النور الحضاري للعالم أجمع في ذلك الزمان ، وما كان ذلك إلا من اعتزاز المسلم بهويته وشــــعـــوره بالأناقة الأفضل والأجمل لأنه يحمل راية العلم ويتحــــكم بالاقتصاد ويمتـــلك من القوة ما لــــم تستطــــع دول العالم المفتوح مقاومته ،فانتشرت الثقافة الإسلامية في بلدان العالم لقرون عدة كان فيها المسلــم يشعر بالتفوق ويتمنى الغربي لو ينتمي لهـــــذه الأمة القــــوية ذات القيـــم و المبــــادئ الشـــاملة الخـــالدة الفاضلة(1).
حيث نجد في الفترة الأخيرة من القرن العشـــرين الكثــــير من شباب الأمــــة العربية و الاسلاميـــــة قـــد تحللوا من هويتهم الثقافية وتخلوا عن عاداتهم وتقاليدهم التــــي هــــي أصل ومنبـــــــع الإسلام والعروبة واتجهوا يلهثون وراء تقليد الغرب فى أشياء غير مفيدة وعادات وتقاليد مختلفة وبعيده كل البعد عن أخلاقنا وعاداتنا .لنجد الشباب العربي والمسلم غارق في بحر من الأفكار الخاطئة والتقليد الأعمى والانبهار المغلوط بالغرب, وتعد دراسة الهوية الثقافية لشباب الأمة أمراً بالغ الأهمية لما يشاهد من سلوكيات بعض الشباب الرافضة لثقافة المجتمع والمتمردة عليها، ومحــــاولة تقمــــص ثقافــــــات أخرى لإشباع طموحات معينة، ومن ثم نجد بين الشباب مـــــن يتنكرون لهويتهـــــم الثقافية ويتمـــــردون علـــى خصائصها، بل قـــــــد يحتقـــــرون عاداتهم وقيمهــــــم وأصالتهـــــــم، فنجـــــــد مـــــن بين الشبـــــاب مــــن يتشبث بالإفرنجية لهجة، ومن يشارك الفرنجة عـــــــــاداتهم في الطعام والشـــــراب والزي ونمـــــط التفكير وأسلوب المعيشة بوجه عام، وقد اخذ هذا التقليد اشكالا مختلفة كسراويل الشبـــــاب ذوات الخصــــــــر المنخفض الساقطة إلى أسفل الوسطـ موضة نزلني أو طيحني, وقصات الشعر والتسريحات العجيبة والـــتفنن القذر لقصات اللحيـــــة الشاذ والغريب !! ودق الوشــــــم وارتدائهم للإكسسوارات الغـــــريبة والعجيبـــة من حيث هي، والحركات النسوانيــــــة خاصــــــة عندما تجــــــدهم في أروقة الشوارع والأرصفـــــة يتمايلـــــــــون ويرقصون رقصات عجيبة تدعو للاشمئزاز والحيرة إلى آخر ما هنالك من تلك الصرعات المشاهـدة في الشوارع والحدائق والمراكز التجارية –المولات- والتي أصبحت واقعــــا فــــــي مجتمعاتنا العـــــــــربية والإسلامية. (18)
وفي خضم ما تفرضه تلك التحديات العالمية بأبعادها المختلفة، وما تحدثه من الاقتحام المتعدد الوجوه لأنماط الحياة, لم يعد أمام مجتمعنا والذي يقف متفرجاً ومشدوهاً ولا يدري أين موقعه، فيصبح التساؤل: هل نترك شبابنا يذوب وينصهر في تلك الثقافات الدخيلة؟ أو نتقوقع حول ثقافتنا المحلية ونعزل شبابنا عما يجري من حولهم ونتمسك بالماضي بما لا يقبل المسايرة؟ أم هل نفتح ثقافاتنا المحلية على الثقافة العالمية دون ذوبان لتأخذ منها ما وصلت إليه من تقدم وازدهار وترفض ما لا يتفق وإرثنا الثقافي(6).
مفهوم الهوية الثقافية
أولا/ مفهوم الهوية:
الهوية هي وعي الناس بأنفسهم وبما يميزهم عن الآخرين. شعور الشخص بالانتماء إلى جماعة أو إطار إنساني أكبر يشاركه في منظومة مـــــــــن القيــــم والمشاعر والاتجاهات.
فمعنى الهوية يشير إلى التساوي، المشابهة، التماثل، وأنها مشتقة من الهو، وأنها الشيء وعينه ووحدته وتشخيصه وخصوصيته ووجود المتفرد. (1)
المكونات الأساسية والسمات المشتركة التي تحدد مفهوم الهوية تتمثل فيما يلي:
1- المشابهة والمماثلة في كل شيء.
2- انعكاس فلسفي حول طبيعة التغيير، فالهوية كمعنى للثبات يهدف إلى التغيير أو كوحدة تهدف إلى التنوع.
3- البحث عن كينونة الإنسان باعتبار هويته متفردة متمايزة عن هويات الآخرين.
4- الإنسان لا يعي ذاته إلا بعد أن يعي أن العالم الخارجي منفصل عنه ومختلف عنه.
5- الاحساس بماضينا ومستقبلنا والإحساس بالفردية والاستقلال.
6 - وعي الناس بأنفسهم وبالآخرين.
وإذا كانت الهوية تعني شعور الشخص بالانتماء لجماعة أو لإطار انساني أكبر يشاركه في منظومة من القيم والمشاعر والاتجاهات فهي بذلك ترتبط بالثقافة السائدة لعملية التنشئة الاجتماعية(1).
ثانيا/ مفهوم الثقافة:
الثقافة من أكثر المصطلحات استخداماً وأشدها غموضاً، وقد يرجع غموضها إلى تعدد معانيها وتباينها،

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ...